وقال أبو بكر الأصم : أولياء الله هم الذين تولى الله هدايتهم وتولوا القيام بحق العبودية لله والدعوة إليه.
وأصل الولي من الولاء وهو القرب والنصرة فولي الله هو الذي يتقرب إلى الله بكل ما افترض عليه ويكون مشتعلاً بالله مستغرق القلب في معرفة نور جلال الله فإن رأى رأى دلائل قدرة الله وإن سمع سمع آيات الله وإن نطق نطق بالثناء على الله وإن تحرك تحرك في طاعة الله وإن اجتهد اجتهد فيما يقربه إلى الله لا يفتر عن ذكر الله ولا يرى بقلبه غير الله، فهذه صفة أولياء الله وإذا كان العبد كذلك كان الله وليه وناصره ومعينه قال الله تعالى :﴿ الله ولي الذين آمنوا ﴾ وقال المتكلمون : ولي الله من كان آتياً بالاعتقاد الصحيح المبني على الدليل ويكون آتياً بالأعمال الصالحة على وفق ما وردت به الشريعة وإليه الإشارة بقوله ﴿ الذين آمنوا وكانوا يتقون ﴾ وهو أن الإيمان مبني على جميع الاعتقاد والعمل ومقام التقوى هو أن يتقي العبد كل ما نهى الله عنه وقوله سبحانه وتعالى : لا خوف عليهم، يعني في الآخرة إذ خاف غيرهم ولا هم يحزنون يعني على شيء وفاتهم من نعيم الدنيا ولذاتها.
قال بعض المحققين : زوال الخوف والحزن عنهم إنما يحصل لهم في الآخرة لأن الدنيا لا تخلو من هم وغم وأنكاد وحزن.
قال بعض العارفين : إن الولاية عبارة عن القرب من الله ودوام الاشتغال بالله وإذا كان العبد بهذه الحالة فلا يخاف من شيء ولا يحزن على شيء لأن مقام الولاية والمعرفة منعه من أن يخاف أو يحزن.
وأما قوله سبحانه وتعالى ﴿ الذين آمنوا وكانوا يتقون ﴾ فقد تقدم تفسيره وأنه صفة لأولياء الله.
وقوله سبحانه وتعالى :﴿ لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ اختلفوا في هذه البشرى، فروي عن عبادة بن الصامت قال " سألت رسول الله ( ﷺ ) عن قوله تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا قال : هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له " أخرجه الترمذي.