قال القاضي أبو محمد : وهذا وصف لازم للمتقين لأنهم يخشعون ويخشعون، وروي عن النبي ﷺ أيضاً أنه قال :" أولياء الله قوم تحابوا في الله واجتمعوا في ذاته لم تجمعهم قرابة ولا مال يتعاطونه " وقوله ﴿ لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾ يحتمل أن يكون في الآخرة، أي لا يهتمون بهمها ولا يخافون عذاباً ولا عقاباً ولا يحزنون لذلك، ويحتمل أن يكون ذلك في الدنيا أي لا يخافون أحداً من أهل الدنيا ولا من أعراضها ولا يحزنون على ما فاتهم منها، والأول أظهر والعموم في ذلك صحيح لا يخافون في الآخرة جملة ولا في الدنيا الخوف الدنياوي الذي هو في فوت آمالها وزوال منازلها وكذلك في الحزن، وذكر الطبري عن جماعة من العلماء مثل ما في الحديث من الأولياء الذين إذا رآهم أحد ذكر الله، وروي فيهم حديث :" إن أولياء الله هم قوم يتحابون في الله وتجعل لهم يوم القيامة منابر من نور وتنير وجوههم، فهم في عرصة القيامة لا يخافون ولا يحزنون " وروي عن عمر بن الخطاب أن رسول الله ﷺ قال :" إن من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله قالوا ومن هم يا رسول الله ؟ قال : قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال "، الحديث، ثم قرأ ﴿ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾، وقوله ﴿ الذين آمنوا ﴾ يصح أن يكون في موضع نصب على البدل من الأولياء، ويصح أن يكون في موضع رفع على الابتداء على تقديرهم الذين، وكثيراً ما يفعل ذلك بنعت ما عملت فيه " أن " إذا جاء بعد خبرها، ويصح أن يكون ﴿ الذين ﴾ ابتداء وخبره في قوله ﴿ لهم البشرى ﴾، وقوله ﴿ وكانوا يتقون ﴾ لفظ عام في تقوى الشرك والمعاصي.
﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ﴾