وقال ابن عطية :
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ ﴾
تقدم في الأعراف الكلام على لفظة ﴿ نوح ﴾
و" المقام " وقوف الرجل لكلام أو خطبة أو نحوه، و" المُقام بضم الميم إقامته ساكناً في موضع أو بلد، ولم يقرأ هنا بضم الميم و" تذكيره " : وعظه وزجره، والمعنى : يا قوم إن كنتم تستضعفون حالي ودعائي لكم إلى الله فإني لا أبالي عنكم لتوكلي على الله تعالى فافعلوا ما قدرتم عليه، وقرأ السبعة وجهور الناس وابن أبي إسحاق وعيسى :" فأجمعوا " من أجمع الرجل على الشيء إذا عزم عليه ومنه قول الشاعر :[ الكامل ]
هل أغدونْ يوماً وأمر مجمع... ومنه قول الآخر :[ الخفيف ]
أجمعوا أمرهم بليلِ فلما... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
ومنه الحديث ما لم يجمع مكثاً ومنه قول أبي ذؤيب :[ الكامل ]
ذكر الورود بها فأجمع أمرَهُ... شوقاً وأقبلَ حينه يتتبع
وقرأ نافع فيما روى عنه الأصمعي وهي قراءة الأعرج وأبي رجاء وعاصم الجحدري والزهري والأعمش " فاجمَعوا بفتح الميم من جمع إذا ضم شيئاً إلى شيء، و﴿ أمركم ﴾ يريد به قدرتكم وحياتكم ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى :﴿ فتولى فرعون فجمع كيده ﴾ [ طه : ٦٠ ] وكل هؤلاء نصب " الشركاء "، ونصب قوله :﴿ شركاءكم ﴾، يحتمل أن يعطف على قوله ﴿ أمركم ﴾، وهذا على قراءة " فاجمعوا " بالوصل، وأما من قرأ :" فأجمعوا " بقطع الألف فنصب " الشركاء " بفعل مضمر كأنه قال : وادعوا شركاءكم فهو من باب قول الشاعر :[ المتقارب ]
شراب اللبان وتمر وأقط... ومن قول الآخر :[ مجزوء الكامل مرفل ]
ورأيت زوجك في الوغى... متقلداً سيفاً ورمحا
ومن قول الآخر :[ الرجز ]
علفتها تبناً وماء بارداً... حتى شَأت همالة عيناها