وقال أبو إسحاق الزجاج : المعنى مع شركائكم على تناصركم ؛ كما يقال : التقى الماء والخشبةَ.
والقراءة الثانية من الجمع، اعتباراً بقوله تعالى :﴿ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أتى ﴾ [ طاه : ٦٠ ].
قال أبو معاذ : ويجوز أن يكون جَمَعَ وأجْمع بمعنًى واحد، "وشركاءكم" على هذه القراءة عطف على "أمركم"، أو على معنى فأجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم، وإن شئت بمعنى مع.
قال أبو جعفر النحاس : وسمعت أبا إسحاق يجيز قام زيد وعمراً.
والقراءة الثالثة على أن يعطف الشركاء على المضمر المرفوع في أجمعوا، وحسن ذلك لأن الكلام قد طال.
قال النحاس وغيره : وهذه القراءة تبعد ؛ لأنه لو كان مرفوعاً لوجب أن تكتب بالواو، ولم يُرَ في المصاحف واو في قوله "وشركاءكم"، وأيضاً فإن شركاءهم الأصنام، والأصنام لا تصنع شيئاً ولا فعل لها حتى تُجْمِع.
قال المهدويّ : ويجوز أن يرتفع الشركاء بالابتداء والخبر محذوف، أي وشركاءكم ليجمعوا أمرهم، ونسب ذلك إلى الشركاء وهي لا تسمع ولا تبصر ولا تميز على جهة التوبيخ لمن عبدها.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ﴾ اسم يكن وخبرها.
وغُمّة وغَمّ سواء، ومعناه التغطية ؛ من قولهم : غُمّ الهلال إذا استتر ؛ أي ليكن أمركم ظاهراً منكشفاً تتمكنون فيه ممّا شئتم ؛ لا كمن يخفَى أمرُه فلا يقدر على ما يريد.
قال طرفَة :
لعمرك ما أمري عليّ بغُمّة...
نهاري ولا ليلي عليَّ بسَرْمَد
الزجاج : غمّة ذا غم، والغم والغُمّة كالكَرْب والكُرْبة.
وقيل : إن الغمة ضيق الأمر الذي يوجب الغم فلا يتبيّن صاحبه لأمره مصدراً لينفرج عنه ما يغُمّه.
وفي الصحاح : والغمة الكربة.
قال العجاج :
بل لو شهدت الناس إذ تُكُمُّوا...
بغُمّة لو لم تُفَرَّج غُمُّوا
يقال : أمْرٌ غُمّة، أي مُبْهَم ملتبس ؛ قال تعالى :
﴿ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ﴾.
قال أبو عبيدة : مجازها ظلمة وضيق.