وقال أبو حيان :
وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم.
فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون.
فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين.
ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون } أجئتنا خطاب لموسى وحده، لأنه هو الذي ظهرت على يديه معجزة العصا واليد.
لتصرفنا وتلوينا عن ما وجدنا عليه آباءنا من عبادة غير الله، واتخاذ إله دونه.
والكبرياء مصدر.
قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وأكثر المتأولين : المراد به هنا الملك، إذ الملوك موصوفون بالكبر، ولذلك قيل للملك الجبار، ووصف بالصد والشرس.
وقال ابن الرقيات في مصعب بن الزبير :
ملكه ملك رأفة ليس فيه...
جبروت منه ولا كبرياء
يعني ما عليه الملوك من ذلك.
وقال ابن الرقاع :
سؤدد غير فاحش لا يداني...
ه تحبارة ولا كبرياء
وقال الأعمش : الكبرياء العظمة.
وقال ابن زيد : العلو.
وقال الضحاك أيضاً : الطاعة، والأرض هنا أرض مصر.
وقرأ ابن مسعود، وإسماعيل، والحسن فيما زعم خارجة، وأبو عمرو، وعاصم : بخلاف عنهما، وتكون بالتاء لمجاز تأنيث الكبرياء، والجمهور بالياء لمراعاة اللفظ، والمعنى : أنهم قالوا مقصودك في ذكره إلينا بما جئت، هو أنْ ننتقل من دين آبائنا إلى ما تأمر به ونطيعك، ويكون لكما العلو والملك علينا بطاعتنا لك، فنصير أتباعاً لك تاركين دين آبائنا، وهذا مقصود لا نراه، فلا نصدقك فيما جئت به إذ غرضك إنما هو موافقتك على ما أنت عليه، واستعلاؤك علينا.
فالسبب الأول هو التقليد، والثاني الجد في الرئاسة حتى لا تكونوا تبعاً.
واقتضى هذان السببان اللذان توهموهما مقصوداً التصريح بانتفاء الإيمان الذي هو سبب لحصول السببين.
ويجوز أن يقصدوا الذم بأنهما إنْ ملكا أرض مصر تكبرا وتجبرا كما قال القبطي : إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض.