وفي كتاب اللوامح : أجمعت الأمر أي جعلته جميعاً، وجمعت الأموال جميعاً، فكان الإجماع في الاحداث والجمع في الاعيان، وقد يستعمل كل واحد مكان الآخر.
وفي التنزيل :﴿ فجمع كيده ﴾ انتهى.
وقرأ أبو عبد الرحمن، والحسن، وابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وسلام، ويعقوب فيما روي عنه : وشركاؤكم بالرفع، ووجه بأنه عطف على الضمير في فأجمعوا، وقد وقع الفصل بالمفعول فحسن، وعلى أنه مبتدأ محذوف الخبر لدلالة ما قبله عليه أي : وشركاؤكم فليجمعوا أمرهم.
وقرأت فرقة : وشركائكم بالخفض عطفاً على الضمير في أمركم أي : وأمر شركائكم فحذف كقول الآخر :
أكل امرىء تحسبين امرءاً...
وتار توقد بالليل ناراً
أي وكل نار، فحذف كل لدلالة ما قبله عليه.
والمراد بالشركاء الأنداد من دون الله، أضافهم إليهم إذ هم يجعلونهم شركاء بزعمهم، وأسند الإجماع إلى الشركاء على وجه التهكم كقوله تعالى :﴿ قل ادعو شركاءكم ثم كيدون ﴾ أو يراد بالشركاء من كان على دينهم وطريقتهم.
قال ابن الأنباري : المراد من الأمر هنا وجود كيدهم ومكرهم، فالتقدير : لا تتركوا من أمركم شيئاً إلا أحضرتموه انتهى.
وأمره إياهم بإجماع أمرهم دليل على عدم مبالاته بهم ثقة بما وعده ربه من كلاءته وعصمته، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة أي حالكم معي وصحبتكم لي غماً، وهماً أي : ثم أهلكوني لئلا يكون عيشكم بسببي غصة، وحالكم عليكم غمة.
والغم والغمة كالكرب والكربة، قال أبو الهيثم : هو من قولهم غم علينا الهلال فهو مغموم إذا التمس فلم ير.
وقال طرفة :
لعمرك ما أمري عليّ بغمة...
نهاري ولا ليلي عليّ بسرمد
وقال الليث : يقال : إنه لفي غمة من أمره إذا لم يتبين له.
وقال الزجاج : أمركم ظاهراً مكشوفاً، وحسنه الزمخشري فقال : وقد ذكر القول الأول الذي يراد بالأمر فقال : والثاني أن يراد به ما أريد بالأمر الأول.
والغمة السترة، من غمه إذا ستره.


الصفحة التالية
Icon