﴿ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ ﴾ [ ٍيونس : ٧١ ] كأنه يقول : أجمعوا كل ما تقدرون عليه من الأشياء التي توجب حصول مطلوبكم ثم لم يقتصر على ذلك بل أمرهم أن يضيفوا إلى أنفسهم شركاءهم الذين كانوا يزعمون أن حالهم يقوى بمكانهم وبالتقرب إليهم ثم لم يقتصر على هذين بل ضم إليهما ثالثاً وهو قوله :﴿ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ﴾ [ يونس : ٧١ ] فأراد أن يسعوا في أمره غاية السعي ويبالغوا فيه غاية المبالغة حتى يطيب عيشهم، ثم لم يقتصر على ذلك حتى ضم إليه رابعاً فقال :﴿ ثُمَّ اقضوا إِلَىَّ ﴾ [ يونس : ٧١ ] آمراً لهم بأداء ذلك كله إليه، ثم ضم إلى ذلك خامساً ﴿ وَلاَ تُنظِرُونَ ﴾ [ يونس : ٧١ ] فنهاهم عن الإمهال وفي ذلك من الدلالة على أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الغاية في التوكل على الله سبحانه وأنه كان قاطعاً بأن كيدهم لا يضره ولا يصل إليه وأن مكرهم لا ينفذ فيه ما هو أظهر من الشمس وأبين من أمس، ثم إنه عليه السلام أراد أن يجعل الحجة لازمة عليهم ويبرىء ساحته فنفي سؤاله إياهم شيئاً من الأجر وأكد ذلك بأن أجره على الله سبحانه لا على غيره مشيراً إلى مزيد كرمه جل جلاله وأنه يثيبه على فعله سأله أو لم يسأله ولذا لم يقل إن سؤالي الأجر إلا من الله تعالى، ثم لم يكتف بذلك حتى ضم إليه أنه مأمور بما يندرج فيه عدم سؤالهم والالتفات إلى ما عندهم وأن يتصف به على أتم وجه لأن ﴿ مِنَ المسلمين ﴾ أبلغ من مسلماً كما تحقق في محله وفي ذلك قطع ما عسى أن يحول بينهم وبين إجابة دعوته والاتعاظ بعظته إلا أن القوم قد بلغوا الغاية في العناد والتمرد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾