قال الواحدي : وهذا دليل على أن الله تعالى يفعل ذلك بمن يشاء، ولولا ذلك لما حسن من موسى عليه السلام هذا السؤال.
ثم قال :﴿فَلاَ يُؤْمِنُواْ حتى يَرَوُاْ العذاب الاليم﴾ وفيه وجهان : أحدهما : أنه يجوز أن يكون معطوفاً على قوله :﴿لِيُضِلُّواْ﴾ والتقدير : ربنا ليضلوا عن سبيلك فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم وقوله :﴿رَبَّنَا اطمس على أموالهم واشدد على قُلُوبِهِمْ﴾ يكون اعتراضاً.
والثاني : يجوز أن يكون جواباً لقوله :﴿واشدد﴾ والتقدير : اطبع على قلوبهم وقسها حتى لا يؤمنوا، فإنها تستحق ذلك.
ثم قال تعالى :﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا﴾ وفيه وجهان : الأول : قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن موسى كان يدعو وهارون كان يؤمن، فلذلك قال :﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا﴾ وذلك لأن من يقول عند دعاء الداعي آمين فهو أيضاً داع، لأن قوله آمين تأويله استجب فهو سائل كما أن الداعي سائل أيضاً.
الثاني : لا يبعد أن يكون كل واحد منهما، ذكر هذا الدعاء غاية ما في الباب أن يقال : إنه تعالى حكى هذا الدعاء عن موسى بقوله :﴿وَقَالَ موسى رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلاَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً﴾ إلا أن هذا لا ينافي أن يكون هارون قد ذكر ذلك الدعاء أيضاً.
وأما قوله :﴿فاستقيما﴾ يعني فاستقيما على الدعوة والرسالة، والزيادة في إلزام الحجة فقد لبث نوح في قومه ألف سنة إلا قليلاً فلا تستعجلا، قال ابن جُرَيْج : إن فرعون لبث بعد هذا الدعاء أربعين سنة.
وأما قوله :﴿وَلاَ تَتَّبِعَانّ سَبِيلَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ففيه بحثان :


الصفحة التالية
Icon