وقال الآلوسى :
﴿ فَمَا ءامَنَ لموسى ﴾
عطف على مقدر فصل في موضع آخر أي فألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون الخ، وإنما لم يذكر تعويلاً على ذلك وإيثار للإيجاز وإيذاناً بأن قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ ﴾ [ يونس : ٨١ ] مما لا يحتمل الخلف أصلاً، ولعل عطفه على ذلك بالفاء باعتبار الإيجاب الحادث الذي هو أحد مفهومي الحصر، فانهم قالوا : معنى ما قام إلا زيد قام زيد ولم يقم غيره، وبعضهم لم يعتبر ذلك وقال : إن عطفه بالفاء على ذلك مع كونه عدماً مستمراً من قبيل ما في قوله تعالى :﴿ فاتبعوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ ﴾ [ هود : ٩٧ ] وما في قولك : وعظته فلم يتعظ وصحت به فلم ينزجر، والسر في ذلك أن الإتيان بالشيء بعد ورود ما يوجب الإقلاع عنه وإن كان استمراراً عليه لكنه بحسب العنوان فعل جديد وضع حادث أي فما آمن عليه السلام في مبدى أمره ﴿ إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ ﴾ أي إلا أولاد بعض بني إسرائيل دعا عليه السلام الآباء فلم يجيبوه خوفاً من فرعون وأجابته طائفة من شبانهم، فالمراد من الذرية الشبان لا الأطفال.
و﴿ مِنْ ﴾ للتبعيض، وجوز أن تكون للابتداء والتبعيض مستفاد من التنوين، والضمير لموسى عليه السلام كما هو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأخرج ابن جرير عنه أن الضمير لفرعون وبه قال جمع، فالمؤمنون من غير بني إسرائيل ومنهم زوجته آسية وماشطته ومؤمن آل فرعون والخازن وامرأته، وفي إطلاق الذرية على هؤلاء نوع خفاء.


الصفحة التالية
Icon