قال القاضي أبو محمد : وقراءات التخفيف في الهمزة تترتب على ما قال أبو علي فتأمله، فإن الأولى على لغة من يقول الحمر، وهذا على جهة التوبيخ له والإعلان بالنقمة منه، وهذا اللفظ يحتمل أن بكون مسموعاً لفرعون من قول ملك موصل عن الله وكيف شاء الله، ويحتمل أن كون معنى هذا الكلام معنى حاله وصورة خزيه، وهذه الآية نص في رد توبة المعاين، وقوله تعالى ﴿ فاليوم ننجيك ﴾ الآية، يقوي ما ذكرناه من أنها صورة الحال لأن هذه الألفاظ إنما قيلت بعد فرقة، وسبب هذه المقالة على ما روي أن بني إسرائيل بعد عندهم غرق فرعون وهلاكه لعظمه عندهم، وكذب بعضهم أن يكون فرعون يموت فنجي على نجوة من الأرض حتى رآه جميعهم ميتاً كأنه ثور أحمر، وتحققوا غرقه، وقرأت فرقة " فاليوم ننجيك " وقالت فرقة معناه من النجاة أي من غمرات البحر والماء، وقال جماعة معناه نلقيك على نجوة من الأرض وهي ما ارتفع منها، ومنه قول أوس بن حجر :[ البسيط ]
فمن بعقوته كمن بنجوته... والمستكن كمن يمشي بقرواح
وقرأ يعقوب " ننْجِيك " بسكون النون وتخفيف الجيم، وقرأ أبي بن كعب " ننحّيك " بالحاء المشددة من التنحية، وهي قراءة محمد بن السميفع اليماني ويزيد البريدي، وقالت فرقة : معنى ﴿ ببدنك ﴾ بدرعك، وقالت فرقة معناه بشخصك وقرأت فرقة " بندائك " أي بقولك ﴿ آمنت ﴾ الخ الآية، ويشبه أن يكتب بندائك بغير ألف في بعض المصاحف، ومعنى الآية أنا نجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع، وقرأت فرقة هي الجمهور " خلفك " أي من أتى بعدك، وقرأت فرقة " خلقك " المعنى يجعلك الله آية له في عباده، ثم بيّن عز وجل العظة لعباده بقوله ﴿ وإن كثير من الناس عن آياتنا لغافلون ﴾ وهذا خبر في ضمنه توعد. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾