الثالثة واختلف العلماء من هذا الباب في قيام رمضان، هل إيقاعه في البيت أفضل أو في المسجد؟ فذهب مالك إلى أنه في البيت أفضل لمن قوِي عليه، وبه قال أبو يوسف وبعض أصحاب الشافعي.
وذهب ابن عبد الحكم وأحمد وبعض أصحاب الشافعي إلى أن حضورها في الجماعة أفضل.
وقال الليث : لو قام الناس في بيوتهم ولم يقم أحد في المسجد لا ينبغي أن يخرجوا إليه.
والحجة لمالك ومن قال بقوله قولُه ﷺ في حديث زيد بن ثابت :" فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " خرّجه البخاريّ.
احتج المخالف بأن النبيّ ﷺ قد صلاّها في الجماعة في المسجد، ثم أخبر بالمانع الذي منع منه على الدوام على ذلك، وهو خشية أن تفرض عليهم فلذلك قال لهم :" فعليكم بالصلاة في بيوتكم " ثم إن الصحابة كانوا يصلونها في المسجد أوزاعاً متفرقين، إلى أن جمعهم عمر على قارىء واحد فاستقر الأمر على ذلك وثبت سُنّة.
الرابعة وإذا تنزلنا على أنه كان أُبيح لهم أن يصلوا في بيوتهم إذا خافوا على أنفسهم فيستدلّ به على أن المعذور بالخوف وغيره يجوز له ترك الجماعة والجمعة.
والعذر الذي يبيح له ذلك كالمرض الحابس، أو خوف زيادته، أو خوف جور السلطان في مال أو بدن دون القضاء عليه بحق.
والمطرُ الوابل مع الوحل عذر إن لم ينقطع، ومن له وليِّ حميم قد حضرته الوفاة ولم يكن عنده من يمرّضه ؛ وقد فعل ذلك ابن عمر.
الخامسة قوله تعالى :﴿ وَبَشِّرِ المؤمنين ﴾ قيل : الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل لموسى عليه السلام، وهو أظهر، أي بشر بني إسرائيل بأن الله سيظهرهم على عدوّهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾