وقال مقاتل : قدر ميل، وقال سعيد بن جبير : غشي قوم يونس العذاب كما يغشى الثوب القبر، وقال وهب : غامت السماء غيماً أسود هائلاً يدخن دخاناً شديداً فهبط حتى غشي مدينتهم واسودت أسطحتهم فلما رأوا ذلك أيقنوا بالهلاك فطلبوا نبيهم يونس عليه السلام فلم يجدوه فقذف الله سبحانه وتعالى في قلوبهم فخرجوا إلى الصحراء بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم فلبسوا المسموح وأظهروا الإسلام والتوبة وفرقوا بين كل والدة وولدها من الناس والدواب فحن البعض إلى البعض فحن الأولاد إلى الأمهات والأمهات إلى الأولاد وعلت الأصوات وعجوا جميعاً إلى الله وتضرعوا إليه وقالوا آمنا بما جاء به يونس وتابوا إلى الله وأخلصوا النية فرحمهم ربهم فاستجاب دعاءهم وكشف عنهم ما نزل بهم من العذاب بعد ما أظلهم وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء وكان يوم الجمعة.
قال ابن مسعود : بلغ من توبتهم أن ترادوا المظالم فيما بينهم حتى أن كان الرجل ليأتي إلى الجر وقد وضع أساس بنيانه عليه فيقلعه فيرده.
وروى الطبري بسنده عن أبي الجلد خيلان قال : لما غشي قوم يونس العذاب مشوا إلى شيخ من بقية علمائهم فقالوا له إنه قد نزل بنا العذاب فما ترى قال قالوا يا حي حين لا حي ويا حي محيي الموتى ويا حي لا إله إلا أنت فقالوها فكشف الله عنهم العذاب ومتعوا إلى حين.
وقال الفضيل بن عياض : إنهم قالوا اللهم إن ذنوبنا قد عظمت وجلت وأنت أعظم وأجل فافعل بنا ما أنت أهله ولا تفعل بنا ما نحن أهله، قال : وخرج يونس وجعل ينتظر العذاب فلم ير شيئاً فقيل له ارجع إلى قومك قال وكيف أرجع إليهم فيجدوني كذاباً وكان من كذب ولا بينة له قال فانصرف عنهم مغاضباً فالتقمه الحوت وستأتي القصة في سورة والصافات إن شاء الله تعالى فإن قلت كيف كشف العذاب عن قوم يونس بعد ما نزل بهم وقبل توبتهم ولم يكشف العذاب عن فرعون حين آمن ولم يقبل توبته.
قلت : أجاب العلماء عن هذا بأجوبة :