وقال الآلوسى :
﴿ فَلَوْلاَ كَانَتْ ﴾
كلام مستأنف لتقرير هلاكهم و﴿ لَوْلاَ ﴾ هنا تحضيضية فيها معنى التوبيخ كهلاً ومثلها ما في قول الفرزدق
: تعدون عقر النيب أفضل مجدكم...
بني ضوطري لولا الكمى المقنعا
ويشهد لذلك قراءة أبي.
وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما ﴿ فهلا ﴾، والتوبيخ على ما نقل عن السفاقسي على ترك الإيمان المذكور بعد ؛ ﴿ المدينة وَكَانَ ﴾ كما اختاره بعض المحققين ناقصة، وقوله تعالى :﴿ قَرْيَةٌ ﴾ اسمها، وجملة قوله سبحانه :﴿ ءامَنتُ ﴾ خبرها، وقوله جل شأنه :﴿ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا ﴾ معطوف على الخبر، أي فهلا كانت قرية من القرى التي أهلكت هلاك الاستئصال آمنت قبل معاينة العذاب ولم تؤخر إيمانها إلى حين معاينته كما أخر فرعون إيمانه فمنعها ذلك بأن يقبله الله تعالى منها ويكشف بسببه العذاب عنها، وذهب السمين وغيره إلى أنها تامة ﴿ وقرية ﴾ فاعلها وجملة ﴿ قَالَ ءامَنتُ ﴾ صفة ﴿ ونفعها ﴾ معطوفة عليها.
وتعقب بأنه يلزم حينئذ أن يكون التحضيض والتوبيخ على الوجود مع أنه ليس بمراد.
وأجيب بأنه لا مانع من أن يكون التحضيض على الصفة وحينئذ لا غبار على ما قيل، وأياً ما كان فالمراد بالقرية أهلها مجازاً شائعاً والقرينة هنا أظهر من أن تخفى، وقوله تبارك وتعالى :﴿ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ ﴾ استثناء منقطع كما قال الزجاج.
وسيبويه.
والكسائي.
وأكثر النحاة أي لكن قوم يونس ﴿ لَمَّا ءامَنُواْ ﴾ عند ما رأوا أمارات العذاب ولم يؤخروا إلى حلوله ﴿ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ذلك الخزى ﴾ أي الذل والهوان ﴿ وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم ﴾ بعد ما أظلهم وكاد يثزل بهم ﴿ وَمَتَّعْنَهُمْ ﴾ بمتاع الدنيا بعد كشف العذاب عنهم ﴿ ومتاع إلى حِينٍ ﴾ أي زمان من الدهر مقدر لهم في علم الله تعالى.