وإنما خُصت النفسُ بمن ذُكر ولم يُجعل من قبيل قولِه تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله ﴾ لأن الاستثناءَ مفرَّغٌ من أعم الأحوال أي ما كان لنفس أن تؤمن في حال من أحوالها إلا حالَ كونِها ملابسةً بإذنه تعالى فلا بد من كون الإيمانِ مما يؤول إليه حالُها كما أن الموتَ مآلٌ لكل نفس بحيث لا محيصَ لها عنه فلا بد من تخصيص النفسِ بمن ذكر فإن النفوسَ التي علم الله أنها لا تؤمنُ ليس لها حالٌ تؤمن فيها حتى يستثنى تلك الحال من غيرها ﴿ وَيَجْعَلُ الرجس ﴾ أي الكفر بقرينة ما قبله عبر عنه بالرجس الذي هو عبارةٌ عن القبيح المستقذَر المستكرَه لكونه علماً في القبح والاستكراه وقيل : هو العذاب أو الخِذلان المؤدي إليه وقرىء بنون العظمة وقرىء بالزاي أي يجعل الكفرَ ويبقيه ﴿ عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ لا يستعملون عقولهم بالنظر في الحجج والآيات أو لا يعقلون دلائله وأحكامه لما على قلوبهم من الطبع فلا يحصُل لهم الهدايةُ التي عبّر عنها بالإذن فيبقَون مغمورين بقبائح الكفرِ والضلال أو مقهورين بالعذاب والنَّكال والجملةُ معطوفةٌ على مقدر ينسحب عليه النظمُ الكريم كأنه قيل : فيأذن لهم بمنح الألطافِ ويجعل الخ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾