وقال ابن عطية :
﴿ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ﴾
المعنى لقد اخترنا لبني إسرائيل أحسن اختيار وحللناهم من الأماكن أحسن محل، و﴿ مبوأ صدق ﴾ أي يصدق فيه ظن قاصده وساكنه وأهله، ويعني بهذه الآية إحلال بلاد الشام وبيت المقدس، قاله قتادة وابن زيد، وقيل بلاد مصر والشام، قاله الضحاك، والأول أصح بحسب ما حفظ من أنهم لن يعودوا إلى مصر، على أن القرآن كذلك ﴿ وأورثناها بني إسرائيل ﴾ [ الشعراء : ٥٩ ] يعني ما ترك القبط من جنات وعيون وغير ذلك، وقد يحتمل أن يكون ﴿ أورثناها ﴾ [ الشعراء : ٥٩ ] معناه الحالة من النعمة وإن لم يكن في قطر واحد، وقوله ﴿ فما اختلفوا حتى جاءهم العلم ﴾ يحتمل معنيين أحدهما فما اختلفوا في نبوة محمد وانتظاره حتى جاءهم وبان علمه وأمره فاختلفوا حينئذ.
قال القاضي أبو محمد : وهذا التخصيص هو الذي وقع في كتب المتأولين، وهذا التأويل يحتاج إلى سند والتأويل الآخر الذي يحتمله اللفظ أن بني إسرائيل لم يكن لهم اختلاف على موسى في أول حاله فلما جاءهم العلم والأوامر وغرق فرعون اختلفوا.
قال القاضي أبو محمد : فمعنى الآية مذمة ذلك الصدر من بني إسرائيل، ثم أوجب الله بعد ذلك أنه ﴿ يقضي بينهم ﴾ ويفصل بعقاب من يعاقب ورحمة من يرحم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾