ومن آمن منهم أو كان منصفاً جدير بأن يزداد من فاوضه في ذلك إيماناً ؛ ولما كانوا بعض من أوتي الكتاب في الزمن السالف، أثبت الجار فقال :﴿من قبلك﴾ وهم عن ذلك الخبر بمراحل، فلا تجنح إلى سؤال غيري، وهذا مضمون قوله تعالى مؤكداً آتياً بحرف التوقع لأن كلاًّ من الأمرين في أحق مواضعه :﴿لقد جآءك الحق﴾ أي الثابت الكامل ثباته وهو إمضاء العدل فيهم ؛ وزاده تشريفاً وترغيباً فيه بقوله :﴿من ربك﴾ أي المحسن إليك باصطفائك لذلك، فلذا سيق مساق البيان له من غير واو، فإذا ثبت أنه الحق أي الثابت أعلى الثبات تسبب عنه البعد من تزلزل من جاءه، فناسب اتباعه بقوله :﴿فلا تكونن﴾ أكده لأنه حقيق بأن لا ينثني عنه أحد بوجه من الوجوه ﴿من الممترين﴾ أي الغافلين عن آيات الله فتطلب الفضل لأهل العدل ؛ قال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ : لا والله! ما شك طرفة عين ولا سأل أحداً منهم.


الصفحة التالية
Icon