ومناسبة المجاز أنّ التعجب فيه تردد، كما أن الشك تردد بين أمرين.
وقال الكسائي : معناه إن كنت في شك أنّ هذا عادتهم مع الأنبياء فسلهم كيف كان صبر موسى عليه السلام حين اختلفوا عليه؟ وقال الزمخشري : فإن كنت في شك بمعنى العرض والتمثيل، كأنه قيل : فإن وقع لك شك مثلاً وخيل لك الشيطان خيالاً منه تقديراً فسئل الذين يقرؤون الكتاب، والمعنى : أن الله تعالى قدم ذكر بني إسرائيل وهم قرأة الكتاب، ووصفهم بأن العلم قد جاءهم، لأنّ أمر رسول الله ( ﷺ ) مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، فأراد أن يؤكد عليهم بصحة القرآن وصحة نبوّة محمد ( ﷺ )، ويبالغ في ذلك فقال تعالى : فإن وقع لك شك فرضاً وتقديراً وسبيل من خالجته شبهة في الدين أن يسارع إلى حلها وإماطتها، إما بالرجوع إلى قوانين الدين وأدلته، وإما بمقادحة العلماء المنبهين على الحق انتهى.
وقيل أقوال غير هذه، وقرأ يحيى وابراهيم : يقرؤون الكتب على الجمع.
والحق هنا : الإسلام، أو القرآن، أو النبوة، أو الآيات، والبراهين القاطعة، أقوال : فاثبت ودم على ما أنت فيه من انتفاء المرية والتكذيب، والخطاب للسامع غير الرسول.
وكثيراً ما يأتي الخطاب في ظاهره لشخص، والمراد غيره، وروي أنه عليه السلام قال :" لا أشك ولا أسأل بل أشهد أنه الحق " وعن ابن عباس : والله ما شك طرفة عين، ولا سأل أحداً منهم.
والامتراء التوقف في الشيء والشك فيه، وأمره أسهل من أمر المكذب فبدىء به أولاً.
فنهى عنه، واتبع بذكر المكذب ونهى أن يكون منهم.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٩٧) ﴾
ذكر تعالى عباداً قضى عليهم بالشقاوة فلا تتغير، والكلمة التي حقت عليهم قال قتادة : هي اللعنة والغضب.


الصفحة التالية
Icon