وقال أبو حيان فى الآيات :
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
أمر تعالى بالفكر فيما أودعه تعالى في السموات والأرض، إذ السبيل إلى معرفته تعالى هو بالتفكر في مصنوعاته، ففي العالم العلوي في حركات الأفلاك ومقاديرها وأوضاعها والكواكب، وما يختص بذلك من المنافع والفوائد، وفي العالم السفلي في أحوال العناصر والمعادن والنبات والحيوان، وخصوصاً حال الإنسان.
وكثيراً ما ذكر الله تعالى في كتابه الحض على الفكر في مخلوقاته تعالى وقال : ماذا في السموات والأرض تنبيهاً على القاعدة الكلية، والعاقل يتنبه لتفاصيلها وأقسامها.
ثم لما أمر بالنظر أخبر أنه من لا يؤمن لا تغنيه الآيات.
والنذر جمع نذير، إما مصدر فمعناه الإنذارات، وإما بمعنى منذر فمعناه المنذرون والرسل.
وما الظاهر أنها للنفي، ويجوز أن تكون استفهاماً أي : وأي شيء تغني الآيات وهي الدلائل؟ وهو استفهام على جهة التقرير.
وفي الآية توبيخ لحاضري رسول الله ( ﷺ ) من المشركين.
وقرأ الحرميان، والعربيان، والكسائي : قل انظروا بضم اللام، وقرىء : وما تغني بالتاء، وهي قراءة الجمهور وبالياء.
وماذا يحتمل أن يكون استفهاماً في موضع رفع بالابتداء، والخبر في السموات.
ويحتمل أن يكون الخبر ذا بمعنى الذي، وصلته في السموات.
وانظروا معلقة، فالجملة الابتدائية في موضع نصب، ويبعد أن تكون ماذا كله موصولاً بمعنى الذي، ويكون مفعولاً لقوله : انظروا، لأنه إن كانت بصرية تعدت بإلى، وإن كانت قلبية تعدت بفي.
وقال ابن عطية : ويحتمل أن تكون ما في قوله : وما تغني، مفعولة لقوله : انظروا، معطوفة على قوله : ماذا أي : تأملوا نذر غنى الآيات.
والنذر عن الكفار إذا قبلوا ذلك، كفعل قوم يونس، فإنه يرفع العذاب في الدنيا والآخرة وينجي من الهلكات.