وقال الآلوسى :
﴿ فَهَلْ يَنتَظِرُونَ ﴾
أي هؤلاء المأمورون بالنظر من مشركي مكة وأشرافهم ﴿ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الذين خَلَوْاْ ﴾ أي مثل وقائعهم ونزول بأس الله تعالى بهم إذ لا يستحقون غير ذلك، وجاء استعمال الأيام في الوقائع كقولهم : أيام العرب، وهو مجاز مشهور من التعبير بالزمان عما وقع فيه كما يقال : المغرب للصلاة الواقعة فيه، والمراد بالموصول المشركون من الأمم الماضية ﴿ مِن قَبْلِهِمُ ﴾ متعلق بخلوا جىء به للتأكيد والإيماء بأنهم سيخلون كما خلوا ﴿ قُلْ ﴾ تهديداً لهم ﴿ فانتظروا ﴾ ذلك ﴿ إِنّى مَعَكُم مّنَ المنتظرين ﴾ إياه فمتعلق الانتظار واحد بالذات وهو الظاهر وجوز أن يكون مختلفاً بالذات متحداً بالجنس أي فانتظروا إهلاكي إني معكم من المنتظرين هلاككم.
﴿ ثُمَّ نُنَجّى رُسُلَنَا ﴾ بالتشديد، وعن الكسائي.
ويعقوب بالتخفيف، وهو عطف على مقدر يدل عليه قوله سبحانه :﴿ مِثْلَ أَيَّامِ الذين خَلَوْاْ ﴾ [ يونس : ١٠٢ ] وما بينهما اعتراض جىء به مسارعة إلى التهديد ومبالغة في تشديد الوعيد كأنه قيل : نهلك الأمم ثم ننجي المرسل إليهم ﴿ والذين ءامَنُواْ ﴾ بهم، وعبر بالمضارع لحكاية الحال الماضية لتهويل أمرها باستحضار صورها، وتأخير حكاية التنجية عن حكاية الإهلاك على عكس ما جاء في غير موضع ليتصل به قوله سبحانه :﴿ كَذَلِكَ حَقّا عَلَيْنَا نُنجِ المؤمنين ﴾ أي ننجيهم إنجاء كذلك الإنجاء الذي كان لمن قبلهم على أن الإشارة إلى الإنجاء، والجار والمجرور متعلق بمقدر وقع صفة لمصدر محذوف.
وجوز أن يكون الكاف في محل نصب بمعنى مثل سادة مسد المفعول المطلق.