انتهت الآية المدنية الثالثة، وهذه الآيات كغيرها من المدنيات واقعة بين ما قبلها وما بعدها كالمعترضة، قال تعالى "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً" لا أحد أظلم منه البتة، ولا أشد تعديا، ولا أكثر تجاوزا، لأن الكذب في نفسه كبيرة، وهو مجانب للإيمان فيما بين الناس، فكيف بالكذب على اللّه تعالى ؟ فهو من أعظم الكبائر كما تشير إليه هذه الآية "أُولئِكَ" المفترون الكذب على اللّه "يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ" في الموقف العظيم يوم القيامة "وَيَقُولُ الْأَشْهادُ" الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم وغيرهم أو الأنبياء أو أهل الموقف حين يسألون عن ذلك
"هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ" في الدنيا، وهذا التشهير والفضيحة يكونان لكل من كذب على اللّه، وحينئذ يلعنهم أهل الموقف حينما يسمعون قول اللّه تعالى "أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ١٨" فيتنبه لذلك من لم يلعنهم، فيلعنهم أيضا.
وهذه الجملة يحتمل أن تكون من كلام الأشهاد بالنظر لظاهرها، والأشهاد جمع شاهد وشهود، ويجمع على شهداء، فيكون جمع الجمع، وقد جاءت بلفظ الجمع في القرآن، وكلاهما بمعنى واحد، إلا أن الأخير أبلغ من الأول.


الصفحة التالية
Icon