وأدعي الفضل بها عليكم، وهذا جواب لقولهم (وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) المار ذكره "وَلا" أقول لكم إني "أَعْلَمُ الْغَيْبَ" لأصدق ما ذكرتموه في حق المؤمنين بأن إيمانهم عن غير تدبّر وتفكر، فما لي حق بذلك، وما عليّ إلا قبول الإيمان على ظاهره، واللّه يتولى السرائر "وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ" وهو جواب على قولهم (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) المار آنفا، لأني في الحقيقة بشر مثلكم ولكن اللّه فضلني عليكم برسالته فقط، ولا دليل في هذه الآية على أن الملك أفضل من البشر على الإطلاق، لأن قول نوح عليه السلام هذا بمقابلة قولهم له كما مرّ، لأنهم كانوا يظنون أن الرسل لا يكونون من البشر لقرب عهدهم من بعضهم وتفشي أخبار الملائكة بينهم من يوم أمرهم بالسجود لآدم عليه السلام، فلهذا قال لهم :
(وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) ولم يرد أن درجة الملائكة أفضل من درجة الأنبياء، وقدمنا في الآية ٧٠ من الإسراء في ج ١ ما يتعلق في هذا البحث فراجعه "وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ"