قوله :﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ﴾ وفى القصص :﴿مُهْلِكَ الْقُرَى﴾ ؛ لأَنَّ الله سبحانه وتعالى نفى الظُّلم عن نفسه بأَبلغ لفظ يستعمل فى النفى ؛ لأَنَّ هذه الَّلام لام الجحود، ولا يظهر بعدها (أَنْ) ولا يقع بعدها المصدر، ويختصّ بكان، ولم يكن، ومعناه : ما فعلت فيما مضى، ولا أَفعل فى الحال، ولا أَفعل فى المستقبل، (وكان) الغايةَ فى النَّفى، وفى القصص لم يكن صريحُ ظلم، فاكتفى بذكر اسم الفاعل، وهو لأَحد الأَزمنة غير معيّن، ثمّ نفاه.
قوله :﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ﴾ استثنى فى هذه السّورة من الأَهل قوله :﴿إِلاَّ امْرَأَتَك﴾ ولم يستثن فى الحجْر اكتفاءَ بما قبله، وهو قوله :﴿إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ﴾ فهذا الاستثناءُ الَّذى انفردتْ به سورة الحِجْر قام مقام الاستثناءِ من قوله :﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الْلَّيْلِ﴾ وزاد فى الحجر ﴿وَاتَّبَعَ أَدْبَارَهُمْ﴾ ؛ لأَنَّه إِذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ١ صـ ٢٤٨ ـ ٢٥٤﴾