هائلا وصار لشدة علوه كالسد بينهما وقد شبهه اللّه بالجبال آنفا لعظم ارتفاعه "فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ٤٣" معهم
طبقا لقضاء اللّه وقدره أزلا، قال الأخباريون لما كثر الروث في السفينة لطول بقائها جارية على ظهر الماء أوحى اللّه إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل ففعل فوقع خنزير وخنزيرة ومسح
على الخنزير فوقعت منه فأرتان فأقبل الخنزيران على الروث فأكلوه وصار الفأر يفسد في السفينة ويقرض ما فيها، فأوحى اللّه إلى نوح أن اضرب بين عيني الأسد فضرب فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر فأكلاه إلا قليلا ودامت السفينة جارية ستة أشهر، إذ ركب فيها لعشر من رجب وهبطت على الجودي يوم عاشوراء، وتناهى الطوفان وخرجوا من السفينة وصاموا ذلك اليوم شكرا للّه تعالى، وعمروا قرية هناك تسمى الآن سوق الثمانين وهي أول قرية عمرت على وجه الأرض بعد الطوفان.
مطلب المياه كلها من الأرض والبحر المكفوف :
وبعد أن تم مراد اللّه تعالى بإغراق الكفرة وإنجاء المؤمنين خاطب الأرض بقوله عز قوله "وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ" تشير هذه الآية على أن الماء كله من الأرض إذ أضافه إليها وهو موافق لقول من يقول أن الأمطار كلها من الأنجرة المتصاعدة من الأرض والبحار والأنهار وغيرها، وهذا مما يعرفه العرب الأقدمون إذ يقولون إن الغيوم تلتقم الماء من البحر تم تمطره، وعليه قوله :
شربن بماء البحر ثم ترفعت في لحج خضر لهن أجيج
وقال :
كالبحر يمطره السحاب وماله من عليه لأنه من مائه