لآتيها لكم وتشاركوني في منافعها، إذ أمرني أن أدعوكم إليها لإرشادكم إلى الهدى فإذا لم أفعل "فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ" الذي شرفني بالرسالة إليكم وأوجب علي إنذاركم بالكف عن الكفر "إِنْ عَصَيْتُهُ" بعد تبليغكم رسالته وتبشيركم بجنة دائمة النعيم إذا أجبتم دعوتي وآمنتم بربي "فَما تَزِيدُونَنِي" بما ذكرتم من تعجبكم عن نهيي إياكم من عبادة الأوثان "غَيْرَ تَخْسِيرٍ ٦٣" بنسبتكم إياي إلى الخسارة أو نسبتي إياكم إلى الخسران، أي لا تفيدوني غير العلم بخسارتكم مما أدعوكم إليه من الرشد وسلوك طريق الصواب، أما أنا فلست خسرانا شيئا إلا خسارتكم وحرمانكم من فضل اللّه تعالى الذي وعدة لكم إن اتبعتموني ورفضتم ما أنتم عليه، فقالوا له إن كنت صادقا فآتنا بآية تدل على صدقك، فقال لهم سلوا ما شئتم، قالوا أن تخرج لنا ناقة من هذه الصخرة لصخرة كانت عندهم، قال ربه، فأجابه فقال "وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً" عظيمة واضحة على صدقي كما طلبتم "فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ" من نباته كسائر أنعامه لتدرّ لكم اللين فتشربونه مجانا دون أن أكافئكم مؤنتها "وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ" بأن تضربوها أو تعقروها، لأنكم إذا فعلتم بها شيئا "فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ ٦٤" في الدنيا لأنها من آيات اللّه وهو يغتار لآياته إن أهينت، فخالفوا أمره رغم تحذيرهم مغبة مخالفته وتهديدهم بعقاب اللّه إن هم مسوها بسوء، فأقدموا عليها "فَعَقَرُوها فَقالَ" لهم نبيهم أما وقد فعلتم ذلك "تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ" وفي آخرها يحل بكم عذاب اللّه إذ أخبرني بأنكم لا تعيشون في الدنيا غيرها لمخالفتكم أمري والدار تطلق على البلد وعلى الساحة جمع دارة وسوح قال أمية بن الصلت :
له داع بمكة مشتعل وآخر فوق دارته ينادي