"وَ" كان "امْرَأَتُهُ" سارة بنت عمه بتشديد الراء وتخفيفه كما ذكره صاحب الجمل على الجلالين "قائِمَةٌ" بالرفع على أن الواو من (وَامْرَأَتُهُ) للحال أي حاضرة في خدمتهم، لأن النساء إذ ذاك لا يحتجبن، ولا سيما العجائز، وما قيل إنها كانت وراء الستر وهو ما يسمونه الآن عرب البادية (خدرة) وهي بساط ثخين كبير يوضع فاصلا ما بين مقعد الرجال ومقر النساء في بيوت الشعر في البوادي والقرى.
والحجاب من خصائص هذه الأمة، أما حرمة النظر فلا، إذ جاء في الإنجيل من نظر إلى أجنبية يشتهيها فهو يزني.
قال تعالى حكاية عن سارة رضي اللّه عنها "فَضَحِكَتْ" سرورا بزوال الخوف الذي توقعته من عدم أكلهم، ومن فسره هنا بمعنى الحيض، فقد صرفه عن معناه الحقيقي، وإن كثيرا من العلماء أنكروا مجيء الضحك بمعنى الحيض، وما استدل به بعضهم من قوله :
تضحك الضبع لقتلي هذيل وترى الذئب بها يستهل
وقول الآخر :
تضحك الضبع من دماء سليم إذ رأتها على الحراب تمور
بأن الضحك فيها بمعنى الحيض خطأ بين، لأن الشاعر أراد أنها تكشر بأنيابها عند أكل اللحم، فمن زعم أن كثرها هذا ضحك أي حيض فقد سها ولم يفرق بين الريم والمها، ولو أراده تعالى لقال حاضت لأنه لفظ جاء ذكره مرارا في سورة البقرة والطلاق فلا يقال لم يذكره لأنه مستهجن، هذا وحقيقة الضحك انبساط
الوجه من سرور النفس ويستعمل في السرور المجرد في التعجب وسميت مقدمات الأسنان ضواحك لبدوها عند الضحك، وما قاله بعض اللّغويين ان ضحكت بمعنى حاضت، واستدل ببعض أقوال العرب فجائز، إلا أنه فيما نحن بصدده هنا لا ينطق على المعنى المراد، واللّه أعلم.
قالوا إن إبراهيم عليه السلام قال لضيفانه لما ذا لا تأكلون ؟ فقالوا له لا تأكل طعاما بلا ثمن، فقال ثمنه ذكر اللّه أوله، وحمده آخره، فقال جبريل لميكائيل حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا.