التي ذكرها اللّه بقوله "إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ" لا يحب تعجيل العقوبة على من يسيء إليه، كثير الاحتمال للأذى، صفوح عن زلة غيره، عفو على من اعتدى عليه "أَوَّاهٌ" كثير التأوه والتحسر خوفا من اللّه "مُنِيبٌ ٧٥" رجاع إلى اللّه رقيق القلب شديد الرأفة عظيم الإخبات إلى ربه كبير الرحمة بعباد اللّه، فهذه الصفات الجليلة حملته على الاستغفار لأبية كما أدت به إلى طلب تأخير العذاب عن قوم لوط، لأن الكامل لا يقصر خيره على الأقارب فقط بل يعم من عرف ومن لم يعرف، ولما كان الأمر بالإهلاك لا محيص عنه مقضيا مبرما بعلم اللّه جفّ القلم به في اللوح المحفوظ، خاطبه ربه عز وجل لأن الملائكة لا تقدر أن ترده لعلمهم بقربه من اللّه واتخاذه خليلا له، قال عز قوله "يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا" الأمر لا تطلب تأخير عذاب جفت به الصحف عن أمري واترك رسلنا وشأنهم في تنفيذه "إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ" الذي لا راد له "وَإِنَّهُمْ" قوم لوط البغاة الذين تجاوزوا حدود اللّه بشيء لم يسبقوا به، ولو لا هم لم يعرف "آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ٧٦" بدعاء ولا جدال ولا بطريق من الطرق، فسكت إبراهيم وترك جدال الملائكة لما عرف أن الأمر مقطوع به من عند اللّه لا حول لأحد ولا طول بتأخيره عن وقته طرفة عين، فخرج الملائكة من عنده وتوجهوا إلى قرى لوط وكان بينهما أربعة فراسخ.
مطلب قصة لوط عليه السلام وعرض بناته على أشراف قومه لتخليص ضيوفه الكرام :