إذ لا مماثلة بين اللّه تعالى والصنم فضلا عن المفاضلة، ومنها قوله تعالى (أَ ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) الآية ٢٦ من سورة الصافات الآتية، ومعلوم أن شجرة الزّقوم لا خير فيها البتة حتى يظن التفاضل بينها وبين المشار إليه وهو الفوز العظيم بنعيم الجنة، فأفعل فيها مجاز وهو عبارة عن كلام جار مجرى ما في الخبرين والآية، لأنه من المعلوم أن إتيان الرجال محرم نجس فمن أين تناله الطهارة ليتصور ما يزعم من مفهوم الآية، فتنبه أرشدك اللّه لعلو مكارم الأخلاق وارتفاع محاسن الآداب.
قال تعالى "فَاتَّقُوا اللَّهَ" أيها الناس وآثروا الطاهر النقي على النجس الخبيث "وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي" تسوؤني فيه وتفضحوني بما تريدونه منهم فتهينوني وتذلوني أمامهم وجاء في الآية ٧١ من سورة الحجر الآتية (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) أي ما آمركم به وأنهاكم عنه أو إن كنتم تريدون قضاء الشهوة فاقضوها فيما أحل لكم واتركوا الحرام الذي في عاقبته خذلانكم "أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ٧٨" سديد العقل صحيح الرأي يفعل الجميل ويكف عن القبيح، وهذا الاستفهام للتعجب أي إنكم على كثرتكم وادعائكم العقل السليم ما فيكم واحد يسمع قولي ويزجر قومه عن ذلك "قالُوا" معرضين عن قبول النصح غير مبالين بكرامة نبيهم "لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ" في نكاحهن لأنك تزعم أننا لسنا بأكفاء لهن لإيمانهن بك وكفرنا ولما نحن عليه من الفعل الذي تكرهه، هذا على القول الأول الذي جرينا عليه وهو المقبول وعليه المعول، وعلى القول الثاني فإن صاحبه يفسر الحق في هذه الآية الصريحة بأنهن بناته نفسه بالشهوة، أي مالنا شهوة في وقاع


الصفحة التالية
Icon