فصل فى التعريف بالسورة الكريمة


قال ابن عاشور :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سورة هود
سميت في جميع المصاحف وكتب التفسير والسنة سورة هود، ولا يعرف لها اسم غير ذلك، وكذلك وردت هذه التسمية عن النبيء ﷺ في حديث ابن عباس أن أبا بكر قال :" طيا رسول الله قد شبت، قال : شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ".
رواه الترمذي بسند حسن في كتاب التفسير من سورة الواقعة.
وروي من طرق أخرى بألفاظ متقاربة يزيد بعضها على بعض.
وسميت باسم هود لتكرر اسمه فيها خمس مرات، ولأن ما حكي عنه فيها أطول مما حكي عنه في غيرها، ولأن عادا وصفوا فيها بأنهم قوم هود في قوله :﴿أَلا بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ [هود : ٦٠]، وقد تقدم في تسمية سورة يونس وجه آخر للتسمية ينطبق على هذه وهو تمييزها من بين السور ذوات الافتتاح ب ﴿ألر﴾.
وهي مكية كلها عند الجمهور.
وروي ذلك عن ابن عباس وابن الزبير، وقتادة إلا آية واحدة وهي ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ إلى قوله :﴿لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود : ١١٤].
وقال ابن عطية : هي مكية إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة.
وهي قوله تعالى :﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾ [هود : ١٢]، وقوله :﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ إلى قوله :﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ قيل نزلت في عبد الله بن سلام، وقوله :﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ [هود : ١١٤] الآية.
قيل نزلت في قصة أبي اليسر كما سيأتي، والأصح أنها كلها مكية وأن ما روي من أسباب النزول في بعض آيها توهم لاشتباه الاستدلال بها في قصة بأنها نزلت حينئذ كما يأتي، على أن الآية الأولى من هذه الثلاث واضح أنها مكية.
نزلت هذه السورة بعد سورة يونس وقبل سورة يوسف.
وقد عدت الثانية والخمسين في ترتيب نزول السور.


الصفحة التالية
Icon