"وَإِنَّ كُلًّا" من الفريقين المختلفين المصدق منهم والمكذب (والتنوين في كلا يسمى تنوين العوض لأنه عوض عن المضاف) "لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ" أي واللّه ليوفينهم جزاء أعمالهم فاللام فيه للقسم فيثبب المصدق الجنة والمكذب النار، ولما هنا بمعنى إلا مثلها في قوله تعالى في الآية ٤ من سورة الطارق المارة في ج ١ وهي (كل نفس لما عليها حافظ) وقرىء لما بالتنوين بمعنى جميع مثلها في قوله تعالى (أكلا لمّا) الآية ١٩ من سورة الفجر المارة في ج ١ أيضا، وقد تكون ظرفا بمعنى حين وعليه يكون المعنى وإن كلا حين يبعثوا ليوفينهم جزاء أعمالهم دون حاجة إلى الإثبات "إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ١١٢" لا يخفى عليه شيء من عملهم، وفي هذه الآية وعد وبشارة للمصدقين ووعيد وتهديد للمكذبين.
مطلب في الاستقامة والتقوى والورع وما يتفرع عنهما :
قال تعالى يا سيد الرسل "فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ" من الاستقامة التي أمرناك بها لا تعدل عنها قيد شعرة فهي طريق توفيقك لما وعدناك به من النصر والظفر وهذا أمر تأكيدي بطلب المثابرة والدوام على الحالة الأولى كقولك للقائم قم حتى آتيك، أي دم على ما أنت عليه "وَمَنْ تابَ مَعَكَ" وآمن بك وبما أنزل عليك، فعليهم أيضا أن يلازموا الاستقامة ويداوموا عليها.
قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب.
وروى مسلم عن سفيان بن عبد اللّه الثقفي قال : قلت يا رسول اللّه قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك، قال : قل آمنت باللّه ثم استقم.


الصفحة التالية
Icon