واعلم أن هذه الآية الكريمة تؤذن بوجوب اتباع المنصوص عليه من الأحكام الشرعية دون انحراف، وان أعمال العقل الصرفة بما يخالف المشروع طغيان وضلال، أما العمل بمقتضى الاجتهاد التابع لعلل النصوص الشرعية فهو من باب الاستقامة بمقتضى النصوص الآمرة بالاجتهاد.
مطلب الزجر عن مخالطة الظالم وأن الدين بين لامين والآية المدنية والصلوات الخمس :
قال تعالى "وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا" أنفسهم بمخالطتهم، أي لا تميلوا أيها المؤمنون إلى الظالمين، ولا تحبوهم، ولا ترضوا بأعمالهم المؤدية إلى غضب اللّه ولا تطيعوهم فيما يخالف دينكم، فإنكم إن فعلتم شيئا من هذا "فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" وتذيب أعضاءكم بحرها، لأن الركون إليهم رضا بأعمالهم التي قد تؤدي إلى الكفر،
ولا شك أن الرضا بالكفر كفر، والمحبة للشيء إلحاق به.
قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) الآية ٣٥ من التوبة في ج ٣، قال الحسن : جعل اللّه الدّين بين لامين (ولا تطغوا ولا تركنوا).
وقال سفيان : في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزائرون للملوك، لأنهم يداهنونهم ويسكنون عن مظالمهم.
وقال الأوزاعي ما من شيء أبغض إلى اللّه من عالم يزور عاملا.
وقال صلى اللّه عليه وسلم : من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى اللّه في أرضه.
وسئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية هل يسقى شربة ماء، فقال لا، فقيل له إنه يموت، فقال دعه يموت.


الصفحة التالية
Icon