وهذه الآية المدنية الأخيرة من هذه السورة قال تعالى "وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ" غدوة وعشية، فدخل فيها الصبح والظهر والعصر "وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ" أقرب ساعاته وزلف بمعنى قرب فيدخل فيه المغرب والعشاء "إِنَّ الْحَسَناتِ" التي أعظمها الصلوات الخمس "يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ" على اختلاف أنواعها بمنه وكرمه إذا شاء وأراد "ذلِكَ" إشارة إلى قوله استقم فما بعده "ذِكْرى " عظيمة لمن يتذكر وعظة كبيرة لمن يتعظ في مغزى الأمرين والنّهيين المارين وفيها نفع جليل "لِلذَّاكِرِينَ ١١٥" اللّه تعالى في جميع أحوالهم، لأن ذكر اللّه يمنع من مخالفته.
روى البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، وفي رواية أصاب منها كل شيء إلا الجماع، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فذكر له ذلك فنزلت هذه الآية، وكانت هذه الحادثة في المدينة، فقال الرجل هو هو أبو اليسر الأنصاري يا رسول اللّه الي هذه الآية ؟ قال لمن عمل بها من أمتي.
وفي رواية قال رجل
من القوم يا نبي اللّه هذه له خاصة ؟ قال بل للناس كافة.
وهذا مما يؤيد أن الأسباب لا تقيد الآيات فإنها وإن نزلت بمعين فمعناها يبقى عاما شاملا غيره.
هذا وما ذكرناه قبلا بمناسبة الآيات المدنيات بأنها كالعترضة قبلها وبين ما بعدها لا يمنع أن تشير إلى ما قبلها من الآيات كهذه، لأنها لم تأت إلا لمناسبة، وكذلك الآيات المكيات في السور المدنيات، وكذلك بين السور.
وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن.
زاد في رواية : ما لم يغش الكبائر.
وزاد في أخرى : ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
وروى البخاري عن جابر قال : قال صلّى اللّه عليه وسلم مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات.


الصفحة التالية
Icon