ولكن هذه لم تكن دعوة مبتدعة ولا قولا غير مسبوق.. لقد قالها من قبل نوح وهود وصالح وشعيب وموسى وغيرهم: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه، إني لكم نذير مبين. أن لا تعبدوا إلا الله، إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم).. (وإلى عاد أخاهم هودا قال: يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون. يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني، أفلا تعقلون ؟ ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويزدكم قوة إلى قوتكم.. ولا تتولوا مجرمين).. (وإلى ثمود أخاهم صالحا، قال: يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره، هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إن ربي قريب مجيب).. (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال. يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، ولا تنقصوا المكيال والميزان، إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط. ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ)..
فكلهم إذن قال هذه الكلمة الواحدة ودعا بهذه الدعوة الثابتة..
ومن ذلك عرض مواقف الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - وهم يتلقون الإعراض والتكذيب، والسخرية والاستهزاء، والتهديد والإيذاء، بالصبر والثقة واليقين بما معهم من الحق، وفي نصر الله الذي لا شك آت ; ثم تصديق العواقب في الدنيا - وفي الآخرة كذلك - لظن الرسل الكرام بوليهم القادر العظيم، بالتدمير على المكذبين، وبالنجاة للمؤمنين: