ويحتوي بعض صور النفس البشرية في مواجهة الأحداث الجارية بالنعماء والبأساء ; فيرفع للمكذبين المستعجلين بالعذاب، المتحدين للنذر في استهتار.. يرفع لهم صورأنفسهم وهم في مواجهة ما يستعجلون به حين يحل بهم ; وفي الحسرات التي تصيب أنفسهم على تقلب الأحداث بهم ; وفوت النعمة وإفلاتها من أيديهم ; وفي البطر والغرور والانخداع بكشف الضر وفيض النعمة من جديد:
ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن: ما يحبسه ؟ ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم. وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة، ثم نزعناها منه، إنه ليئوس كفور. ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن: ذهب السيئات عني، إنه لفرح فخور. إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات، أولئك لهم مغفرة وأجر كبير...
ويحتوي شيئا من مشاهد القيامة ; وصور المكذبين فيها ; ومواجهتهم لربهم الذي كذبوا بوحيه وتولوا عن رسله ; وما يجدونه يومئذ من خزي ; لا ينصرهم منه أرباب ولا شفعاء:
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ؟ أولئك يعرضون على ربهم، ويقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ! ألا لعنة الله عى الظالمين ! الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، وهم بالآخرة هم كافرون. أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض، وما كان لهم من دون الله من أولياء، يضاعف لهم العذاب، ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، أولئك الذين خسروا أنفسهم، وضل عنهم ما كانوا يفترون. لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون).