وقال قتادة : يخفون ليسمعوا كلام الله.
وقال ابن زيد : يكتمونها إذا ناجى بعضهم بعضاً في أمر الرسول ( ﷺ ).
وقيل : يثنونها حياءً من الله تعالى، ومعنى يستغشون : يجعلونها أغشية.
ومنه قول الخنساء :
أرعى النجوم وما كلفت رعيتها...
وتارة أتغشى فضل أطماري
وقيل : المراد بالثياب الليل، واستعيرت له لما بينهما من العلاقة بالستر، لأن الليل يستر كما تستر الثياب ومنه قولهم : الليل أخفى للويل، وقرأ ابن عباس : على حين يستغشون.
قال ابن عطية : ومن هذا الاستعمال قول النابغة :
على حين عاتبت المشيب على الصبا...
وقلت ألما أصح والشيب وازع
انتهى.
وقال ابن عباس : ما يسرون بقلوبهم، وما يعلنون بأفواههم.
وقيل : ما يسرون بالليل وما يعلنون بالنهار.
وقال ابن الأنباري : معناه أنه يعلم سرائرهم كما يعلم مظهرانهم.
وقال الزمخشري : يعني أنه لا تفاوت في علمه بين إسرارهم وإعلانهم، فلا وجه لتوصلهم إلى ما يريدون من الاستخفاء والله مطلع على ثنيهم صدورهم، واستغشائهم بثيابهم، ونفاقهم غير نافق عنده.
وقال صاحب التحرير : الذي يقتضيه سياق الآية أنه أراد بما يسرون ما انطوت عليه صدورهم من الشرك والنفاق والغل والحسد والبغض للنبي ( ﷺ ) وأصحابه، لأنّ ذلك كله من أعمال القلوب، وأعمال القلوب خفيه جدًّا، وأراد بما يعلنون ما يظهرونه من استدبارهم النبي ( ﷺ ) وتغشية ثيابهم، وسدّ آذانهم وهذه كلها أعمال ظاهرة لا تخفى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon