وقال الآلوسى :
﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ ﴾
كأنه جواب سؤال مقدر، وذلك أنه لما ألقى إليهم ما ألقى وسيق إليهم ما سيق من الترغيب والترهيب وقع في ذهن السامع أنهم بعد ما سمعوا مثل هذا المقال الذي تخر له صم الجبال هل قابلوه بالإقبال أم تمادوا فيما كانوا عليه من الإعراض والضلال فقيل : مصدراً بكلمة التنبيه إشعاراً بأن ما بعدها من هناتهم أمر ينبغي أن يفهم ويتعجب منه ﴿ أَلاَ إِنَّهُمْ ﴾ الخ، فضمير ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ للمشركين المخاطبين فيما تقدم و﴿ يَثْنُونَ ﴾ بفتح الياء مضارع ثنى الشيء إذا لواه وعطفه، ومنه على ما قيل الاثنان، لعطف أحدهما على الآخر والثناء لعطف المناقب بعضها على بعض وكذا الاستثناء للعطف على المستثنى منه بالإخراج، وأصله يثنيون فأعل الإعلال المعروف في نحو يرمون، وفي المراد منه احتمالات : منها أن الثني كناية أو مجاز عن الإعراض عن الحق لأن من أقبل على شيء واجهه بصدره ومن أعرض صرفه عنه، أي أنهم يثنون صدورهم الحق ويتحرفون عنه، والمراد استمرارهم على ما كانوا عليه من التولي والإعراض المشار إليه بقوله سبحانه :﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ [ هود : ٣ ] الخ.
ومنها أنه مجاز عن الإخفاء لأن ما يجعل داخل الصدر فهو خفي أي أنهم يضمرون الكفر والتولي عن الحق وعداوة النبي صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon