قال صاحب "الكشاف" قوله :﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ يحتمل وجوهاً : الأول : أنا ذكرنا أن قوله :﴿كِتَابٌ﴾ خبر و ﴿أُحْكِمَتْ﴾ صفة لهذا الخبر، وقوله :﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ صفة ثانية والتقدير : الر كتاب من لدن حكيم خبير.
والثاني : أن يكون خبراً بعد خبر والتقدير : الر من لدن حكيم خبير.
والثالث : أن يكون ذلك صفة لقوله :( أحكمت.
وفصلت ) أي أحكمت وفصلت من لدن حكيم خبير، وعلى هذا التقدير فقد حصل بين أول هذه الآية وبين آخرها نكتة لطيفة كأنه يقول أحكمت آياته من لدن حكيم وفصلت من لدن خبير عالم بكيفيات الأمور.
﴿ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾
اعلم أن في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أن في قوله :﴿أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله﴾ وجوهاً : الأول : أن يكون مفعولاً له والتقدير : كتاب أحكمت آياته ثم فصلت لأجل ألا تعبدوا إلا الله وأقول هذا التأويل يدل على أنه لا مقصود من هذا الكتاب الشريف إلا هذا الحرف الواحد، فكل من صرف عمره إلى سائر المطالب، فقد خاب وخسر.
الثاني : أن تكون ( أن ) مفسرة لأن في تفصيل الآيات معنى القول والحمل على هذا أولى، لأن قوله :﴿وَأَنِ استغفروا﴾ معطوف على قوله :﴿أَلاَّ تَعْبُدُواْ﴾ فيجب أن يكون معناه : أي لا تعبدوا ليكون الأمر معطوفاً على النهي، فإن كونه بمعنى لئلا تعبدوا يمنع عطف الأمر عليه.
والثالث : أن يكون التقدير : الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ليأمر الناس أن لا يعبدوا إلا الله ويقول لهم، إنني لكم منه نذير وبشير، والله أعلم.
المسألة الثانية :