وجاء الحق سبحانه وتعالى هنا في نفس الآية ب " ألا " في قوله :
﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ [ هود : ٥ ].
فهم إن داروا على محمد ﷺ، فهل هم قادرون على المداراة على رب محمد؟ والذي لا يدركه بصر محمد فربُّ محمد سيُعلمه به.
وما دام الحق سبحانه يعلم ما يسرون، فمن باب أولى أنه سبحانه وتعالى يعلم ما يعلنون.
والحق سبحانه وتعالى غيب، وربما ظن ظان أنه قد يفلت منه شيء، ولكن الحق سبحانه يُحصي ولا يُحصَى عليه، فإن ظن ظان أن الحق سبحانه يعلم الغيب فقط ؛ لأنه غيب، فهذا ظن خاطىء ؛ لأنه يعلم السر والعلن، فهو عليم بذات الصدور، وكلمة " عليم " صيغة مبالغة، وهي ذات في كنهها العلم.
وقول الحق سبحانه :
﴿ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ [ هود : ٥ ].
نجد فيه كلمة ﴿ ذَاتِ ﴾ وهي تفيد الصحبة، و ( ذَاتِ الصُّدُورِ ) أي : الأمور المصاحبة للصدور.
ونحن نعلم أن الصدر محل القلب، ومحل الرئة، والقلب محل المعتقدات التي انتُهي إليها، وصارت حقائق ثابتة، وعليها تدور حركة الحياة.
ويُقصد ب ﴿ بِذَاتِ الصدور ﴾ أي : المعاني التي لا تفارق الصدور، فهي صاحبات دائمة الوجود في تلك الصدور، سواء أكانت حقداً أو كراهية، أو هي الأحاسيس التي لا تظهر في الحركة العادية، سواء أكانت نية حسنة أو نية سيئة.
وكل الأمور التي يسمونها ذات الصدور، أي : صاحبات الصدور، وهي القلوب، وكأن الجِرْم نفسه وهو القلب معلوم للحق سبحانه وتعالى، فخواطره من باب أولى معلومة. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon