تعلق أصحابنا بهذه الآية في إثبات أن الرزق قد يكون حراماً، قالوا لأنه ثبت أن إيصال الرزق إلى كل حيوان واجب على الله تعالى بحسب الوعد وبحسب الاستحقاق، والله تعالى لا يحل بالواجب، ثم قد نرى إنساناً لا يأكل من الحلال طول عمره، فلو لم يكن الحرام رزقاً لكان الله تعالى ما أوصل رزقه إليه، فيكون تعالى قد أخل بالواجب وذلك محال، فعلمنا أن الحرام قد يكون رزقاً، وأما قوله :﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ فالمستقر هو مكانه من الأرض والمستودع حيث كان مودعاً قبل الاستقرار في صلب أو رحم أو بيضة، وقال الفراء : مستقرها حيث تأوي إليه ليلاً أو نهاراً، ومستودعها موضعها الذي تموت فيه، وقد مضى استقصاء تفسير المستقر والمستودع في سورة الأنعام، ثم قال :﴿كُلٌّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ قال الزجاج : المعنى أن ذلك ثابت في علم الله تعالى، ومنهم من قال : في اللوح المحفوظ، وقد ذكرنا ذلك في قوله :﴿وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كتاب مُّبِينٍ﴾ [ الأنعام : ٥٩ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ١٤٨ ـ ١٤٩﴾