روى أن موسى عليه السلام عند نزول الوحي عليه بالذهاب إلى فرعون للدعوة إلى الإيمان تعلق قلبه بأحوال أهله قائلاً يا رب من يقوم بأمر عيالي؟ فأمره الله تعالى أن يضرب بعصاه صخرة فضربها فانشقت وخرج منها صخرة ثانية، ثم ضرب بعصاه عليها فانشقت وخرجت منها صخرة ثالثة، ثم ضربها بعصاه فخرجت منها دودة وفي فمها شيء يجري مجرى الغذاء لها، ورفع الحجاب عن سمع موسى فسمع الدودة تقول : سبحان من يراني ويسمع كلامي ويعرف مكاني ويذكرني ولا ينساني.
وعن أنس رضي الله عنه قال : خرجت مع رسول الله يوماً إلى المفازة في حاجة لنا فرأينا طيراً يلحن بصوت جهوري فقال عليه السلام : أتدري ما يقول هذا الطير يا أنس؟ قلت : الله ورسوله أعلم بذلك قال : إنه يقول يا رب، أذهبت بصري وخلقتني أعمى فارزقني فأني جائع قال : أنس فبينما نحن ننظر إليه إذ جاء طائر آخر وهو الجراد ودخل في فم الطائر فابتلعه ثم رفع الطائر صوته وجعل يلحن فقال عليه السلام : أتدري ما يقول الطير يا أنس؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : أنه يقول الحمد الذي لم ينس من ذكره وفي رواية : من توكل على الله كفاه كما في إنسان العيون.
قيل : كان مكتوباً على سيف الحسين بن علي رضي الله عنه أربع كلمات، الرزق مقسوم، والحريص محروم، والبخيل مذموم، والحاسد مغموم، وفي الحديث : من جاع أواحتاج وكتمه عن الناس وأفضى به إلى الله تعالى كان حقاً على الله أن يفتح له رزق سنة كما في روضة العلماء.
وحقيقة التوكل في الرزق وغيره عند المشايخ الانقطاع عن الأسباب بالكلية ثقة بالله تعالى.
وهذا لأهل الخصوص فأما أهل العموم فلا بد لهم من التسبب. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٣ صـ ١٢٨ ـ ١٢٩﴾


الصفحة التالية
Icon