﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ عطف على جملة ﴿ خُلِقَ ﴾ مع ضميره المستتر أو حال من الضمير بتقدير قد على ما هو المشهور في الجملة الحالية الماضوية من اشتراط قد ظاهرة أو مقدرة ؛ والمضي المستفاد من كان بالنسبة للحكم لا للتكلم أي كان عرشه على الماء قبل خلقهما وهو الذي يقتضيه كلام مجاهد، وبه صرح القاضي البيضاوي، ثم قال : لم يكن حائل بينهما أي العرش والماء لا أنه كان موضوعاً على متن الماء، واستدل به على إمكان الخلاء وأن الماء أول حادث بعد العرش من أجرام هذا العالم انتهى، وكذا صرح به العلامة أبو السعود مفتي الديار الرومية لكنه قال : ليس تحته يعني العرش شيء غيره أي الماء سواء كان بينهما فرجة، أو موضوعاً على متنه كما ورد في الأثر فلا دلالة فيه على إمكان الخلاء كيف لا ولو دل لدل على وجوده لا على إمكانه فقط ولا على كون الماء أول ما حدث في العالم بعد العرش وإنما يدل على أن خلقهما أقدم من خلق السموات والأرض من غير تعرض للنسبة بينهما انتهى، ولا يخفى ما بين القاضي والمفتي من المخالفة، والأكثرون على أن الحق مع المفتي كما ستعلمه إن شاء الله تعالى.
وانتصر بعضهم للقاضي بأنه لو كان موضوعاً على متن الماء للزم قبل خلق تمام العالم أحد الأمور الستة : إما خروج الماء عن حيزه الطبيعي.
أو خروج العرش عن حيزه الطبيعي.
أو تخلخل الماء.
أو نموه أو تخلخل العرش.
أو نموه، وحين خلق العالم أحد الأمور الخمسة : إما حركة العرش بالاستقامة إلى حيزه الطبيعي.
أو تكاثف الماء.
أو ذبوله.
أو تكاثف العرش.


الصفحة التالية
Icon