[ يونس : ٣٨ ] ثم تأكدت المواعظ والزواجر والإشارات إلى أحوال المكذبين والمعاندين، فمن التنبيه ﴿إن ربكم الله﴾ [ يونس : ٣ ]، ﴿هو الذي جعل الشمس﴾ [ سورة يونس، آية : ٥ ]، ﴿إن في اختلاف الليل والنهار﴾ [ سورة يونس، آية : ٦ ]، ﴿قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده﴾ [ يونس : ٣٤ ]، ﴿قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق﴾ [ سورة يونس، آية : ٣٥ ]، ﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ [ سورة يونس، آية : ١٠١ ] - إلى غير هذا، وعلى هذا السنن تكررت العظات والأغراض المشار إليها في هذه السورة إلى قوله :﴿يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم﴾ [ سورة يونس، آية : ١٠٨ ] فحصل من سورة الأعراف والأنفال وبراءة ويونس تفصيل ما كان أجمل فيما تقدمها كما حصل مما تقدم تفصيل أحوال السالكين والمتنكبين، فلما تقرر هذا كله أتبع المجموع بقوله :﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾ وتأمل مناسبة الإتيان بهذين الاسمين الكريمين وهما ﴿الحكيم الخبير﴾ ثم تأمل تلاؤم صدر السورة بقوله :﴿يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم﴾ [ سورة يونس، آية : ١٠٨ ] وقد كان تقدم قوله تعالى :﴿قد جاءتكم موعظة من ربكم﴾ [ يونس : ٥٧ ] فأتبع قوله :﴿قد جاءكم الحق من ربكم﴾ بقوله في صدر سورة هود ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت﴾ [ هود : ٤١ ] فكأنه في معرض بيان الحق والموعظة، وإذا كانت محكمة مفصلة فحق لها أن تكون شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وحق توبيخهم في قوله تعالى :﴿بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه﴾ [ يونس : ٣٩ ] والعجب في عمههم مع إحكامه وتفصيله ولكن ﴿الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون﴾ [ يونس : ٩٦ ] وتأمل قوله سبحانه آخر هذه السورة ﴿وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك﴾ [ هود : ١٢٠ ]، و ﴿جاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين﴾ [ هود : ١٢٠ ] فكل الكتاب حق وموعظة وذكرى، وإنما الإشارة - والله أعلم - بما أراد


الصفحة التالية