فما ذكره بعض المفسرين أن الكلام مسرود لنهى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الحزن وضيق الصدر بما كانوا يواجهونه به من الكفر والجحود، والنهى نهى تسلية وتطييب للنفس نظير ما في قوله :( ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق مما يمكرون ) النحل : ١٢٧، وقوله :( لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) الشعراء : ٤ كلام ليس في محله.
ويظهر أيضا أن قوله :( فلعلك تارك ) الخ، وقوله :( أم يقولون افتراه ) الخ، كشقى الترديد ويتصلان معا بما قبلهما من وجه واحد كما ذكرناه.
وقوله :( تارك بعض ما يوحى اليك ) إنما ذكر البعض لأن الآيات السابقة متضمنة لتبليغ الوحى في الجملة أي لعلك تركت بعض ما أوحينا اليك من القرآن فما تلوته عليهم فلم ينكشف لهم الحق كل الانكشاف حتى لا يجبهوك بما جبهوك به من الرد والجحود، وذلك أن القرآن بعضه يوضح بعضا وشطرا منه يقرب شطرا منه من القبول كايات الاحتجاج توضح الآيات المشتملة على الدعاوى، وآيات الثواب والعقاب تقرب الحق من القبول بالتطميع والتخويف، وآيات القصص والعبر تستميل النفوس وتلين القلوب.
وقوله :( وضائق به صدرك أن يقولوا ) الخ، قال في المجمع : ضائق وضيق بمعنى واحد إلا أن ضائق ههنا أحسن لوجهين : أحدهما : أنه عارض والاخر أنه أشكل بقوله تارك انتهى.


الصفحة التالية
Icon