وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى :﴿ ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ﴾
يعني : رخاء وسعة في الرزق والعيش وبسطنا عليه من الدنيا ﴿ ثم نزعناها منه ﴾ يعني سلبناه ذلك كله وأصابته المصائب فاجتاحته وذهبت به ﴿ إنه ليؤوس كفور ﴾ يعني يظل قانطاً من رحمة الله آيساً من كل خير كفور أي جحود لنعمتنا عليه أولاً قليل الشكر لربه قال بعضهم : يا ابن آدم إذا كانت بك نعمة من الله من أمن وسعة وعافية فاشكرها ولا تجحدها فإن نزعت عنك فينبغي لك أن تصبر ولا تيأس من رحمة الله فإنه العواد على عباده بالخير وهو قوله سبحانه وتعالى :﴿ ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ﴾ يعني ولئن نحن أنعمنا على الإنسان وبسطنا عليه من العيش ﴿ ليقولن ﴾ يعني الذي أصابه الخير والسعة ﴿ ذهب السيئات عني ﴾ يعني ذهب الشدائد والعسر والضيق وإنما قال ذلك غرة بالله وجرأة عليه لأنه لم يضف الأشياء كلها إلى الله وإنما أضافها إلى العوائد فهلذا ذمه الله تعالى فقال ﴿ إنه لفرح فخور ﴾ أي إنه أشر بطر والفرح لذة تحصل في القلب بنيل المراد والمشتهى والفخر هو التطاول على الناس بتعديد المناقب وذلك منهي عنه ثم استثنى فقال تبارك وتعالى :﴿ إلا الذين صبروا، وعملوا الصالحات ﴾ قال الفراء : هذا استثناء منقطع معناه لكن الذين صبروا وعملوا الصالحات فإنهم ليسوا كذلك فإنهم إن نالتهم شدة صبروا وإن نالتهم نعمة شكروا عليها ﴿ أولئك ﴾ يعني من هذه صفتهم ﴿ لهم مغفرة ﴾ يعني لذنوبهم ﴿ وأجر كبير ﴾ يعني الجنة. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾