وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افتراه ﴾
"أم" بمعنى بل، وقد تقدّم في "يونس" أي قد أزحت عِلّتهم وإشكالهم في نبوّتك بهذا القرآن، وحَجَجْتَهم به ؛ فإن قالوا : افتريته أي اختلقته فليأتوا بمثله مفترىً بزعمهم.
﴿ وادعوا مَنِ استطعتم مِّن دُونِ الله ﴾ أي من الكهنة والأعوان.
قوله تعالى :﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ﴾
أي في المعارضة ولم تتهيأ لهم فقد قامت عليهم الحجة ؛ إذ هم اللُّسْن البلغاء، وأصحاب الألسن الفصحاء.
﴿ فاعلموا أَنَّمَآ أُنزِلِ بِعِلْمِ الله ﴾ واعلموا صدق محمد ﷺ، واعلموا ﴿ أَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ استفهام معناه الأمر.
وقد تقدّم القول في معنى هذه الآية، وأن القرآن معجز في مقدمة الكتاب.
والحمد لله.
وقال :﴿ قُلْ فَأْتُوا ﴾ وبعده.
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ﴾ ولم يقل لك ؛ فقيل : هو على تحويل المخاطبة من الإفراد إلى الجمع تعظيماً وتفخيماً ؛ وقد يخاطب الرئيس بما يخاطب به الجماعة.
وقيل : الضمير في ﴿ لَكُمْ ﴾ وفي ﴿ فاعلموا ﴾ للجميع ؛ أي فليعلم الجميع ﴿ أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ﴾ ؛ قاله مجاهد : وقيل : الضمير في ﴿ لكم ﴾ وفي ﴿ فاعلموا ﴾ للمشركين ؛ والمعنى : فإن لم يستجب لكم من تدعونه إلى المعاونة، ولا تهيأت لكم المعارضة "فاعلموا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ".
وقيل : الضمير في ﴿ لكم ﴾ للنبي ﷺ وللمؤمنين، وفي ﴿ فاعلموا ﴾ للمشركين. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon