واعلم أن العقل يدل عليه قطعاً، وذلك لأن من أتى بالأعمال لأجل طلب الثناء في الدنيا ولأجل الرياء، فذلك لأجل أنه غلب على قلبه حب الدنيا، ولم يحصل في قلبه حب الآخرة، إذ لو عرف حقيقة الآخرة وما فيها من السعادات لامتنع أن يأتي بالخيرات لأجل الدنيا وينسى أمر الآخرة، فثبت أن الآتي بأعمال البر لأجل الدنيا لا بد وأن يكون عظيم الرغبة في الدنيا عديم الطلب للآخرة ومن كان كذلك فإذا مات فإنه يفوته جميع منافع الدنيا ويبقى عاجزاً عن وجدانها غير قادر على تحصيلها، ومن أحب شيئاً ثم حيل بينه وبين المطلوب فإنه لا بد وأن تشتعل في قلبه نيران الحسرات فثبت بهذا البرهان العقلي، أن كل من أتى بعمل من الأعمال لطلب الأحوال الدنيوية فإنه يجد تلك المنفعة الدنيوية اللائقة بذلك العمل، ثم إذا مات فإنه لا يحصل له منه إلا النار ويصير ذلك العمل في الدار الآخرة محبطاً باطلاً عديم الأثر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ١٥٨ ـ ١٦٠﴾