والصحيح ما ذكرناه ؛ وأنه من باب الإِطلاق والتقييد ؛ ومثله قوله :﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ] فهذا ظاهره خبر عن إجابة كلّ داعٍ دائماً على كل حال، وليس كذلك ؛ لقوله تعالى :﴿ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ ﴾ [ الأنعام : ٤١ ].
والنسخ في الأخبار لا يجوز ؛ لاستحالة تبدّل الواجبات العقلية، ولاستحالة الكذب على الله تعالى ؛ فأما الأخبار عن الأحكام الشرعية فيجوز نسخها على خلاف فيه، على ما هو مذكور في الأصول ؛ ويأتي في "النحل" بيانه إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار ﴾
إشارة إلى التّخليد، والمؤمن لا يُخلَّد ؛ لقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك ﴾ [ النساء : ١١٦ ] الآية.
فهو محمول على ما لو كانت موافاة هذا المرائي على الكفر.
وقيل : المعنى ليس لهم إلا النار في أيام معلومة ثم يخرج ؛ إما بالشفاعة، وإما بالقَبْضة.
والآية تقتضي الوعيد بسلْب الإيمان ؛ وفي الحديث ( الماضي ) يريد الكفر وخاصة الرياء، إذ هو شرك على ما تقدّم بيانه في "النساء" ويأتي في آخر "الكهف".
﴿ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ ابتداء وخبر ؛ قال أبو حاتم : وحذف الهاء ؛ قال النحاس : هذا لا يحتاج إلى حذف ؛ لأنه بمعنى المصدر ؛ أي وباطل عمله.
وفي حرف أبيّ وعبد الله "وَبَاطِلاً مَا كَانُوا يَعْمَلُون" وتكون "ما" زائدة ؛ أي وكانوا يعملون باطلاً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon