ونطس، وأكثر ما ورد الفرح في القرآن للذم فإذا قصد المدح قيد كقوله سبحانه :﴿ فرحين بما آتاهم الله من فضله ﴾ [ آل عمران : ١٧٠ ] ﴿ فَخُورٌ ﴾ متعاظم على الناس بما أوتي من النعم مشغول بذلك عن القيام بحقها، واللام في ﴿ لَئِنْ ﴾ في الآيات الأربع موطئة للقسم، وجوابه سادّ مسدّ جواب الشرط كما في قوله
: لئن عادلي عبد العزيز بمثلها...
وأمكنني منها إذن لا أقيلها
﴿ إِلاَّ الذين صَبَرُواْ ﴾ استثناء من ﴿ الإنسان ﴾ [ هود : ٩ ] وهو متصل إن كان أل فيه لاستغراق الجنس، وهو الذي نقله الطبرسي مخالفاً لابن الخازن عن الفراء، ومنقطع إن كانت للعهد إشارة إلى الإنسان الكافر مطلقاً، وعن ابن عباس أن المراد منه كافر معين وهو الوليد بن المغيرة، وقيل : هو عبد الله بن أمية المخزومي، وذكره الواحدي، وحديث الانقطاع على الروايتين متصل، ونسب غير مقيد بهما إلى الزجاج.
والأخفش، وأيًا مّا كان فالمراد صبروا على ما أصابهم من الضراء سابقاً أو لاحقاً إيماناً بالله تعالى واستلام لقضائه تعالى :
﴿ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ شكراً على نعمه سبحانه السابقة واللاحقة، قال المدقق في الكشف : لما تضمن اليأس عدم الصبر.
والكفران عدم الشكر كان المستنثى من ذلك ضده ممت اتصف بالصبر والشكر فلما قيل :﴿ إِلاَّ الذين ﴾ الخ كان بمنزلة إلا الذين صبروا وشكروا وذلك من صفات المؤمن، فكني بهما عنه فلذا فسره الزمخشري بقوله : إلا الذين آمنوا، فإن عادتهم إذا أتتهم رحمة أن بشكروا وإذا زالت عنهم نعمة أن يصبروا فلذا حسنت الكناية به عن الإيمان، ثم عرض بشيخه الطيبي بقوله : وأما دلالة ﴿ صَبَرُواْ ﴾ على أن العمل الصالح شكر لأنه ورد في الأثر الإيمان نصفان : نصف صبر.