وعابها، فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه إلا من عصمه الله ؛ وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أم المشركين قالوا للنبي ـ ﷺ ـ : ائتنا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا.
ولما أفهم هذا السياق الإنكار لما يفتر عن الإنذار، كان كأنه قيل له : هذا الرجاء المرجو منكر، والمقصود الأعظم من الرسالة النذارة لأنها هي الشاقة على النفوس، وأما البشارة فكل من قام يقدر على إبلاغها فلذا قال :﴿إنما أنت نذير﴾ فبلغهم ما أرسلت به فيقولون لك ما يقدره الله لهم فلا يهمنك فليس عليك إلا البلاغ وما أنت عليهم بوكيل تتوصل إلى ردهم إلى الطاعة بالقهر والغلبة بل الوكيل الله الفاعل لما يشاء ﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة.
ولما كان السياق لإحاطته سبحانه، قدم قوله :﴿على كل شيء﴾ منهم ومن غيرهم ومن قبولهم وردهم ومن حفظك منهم ومن غيره ﴿وكيل﴾ فهو يدبر الأمور على ما يعلمه من الحكم، فإنشاء جاء بما سألوا وإن لم يشأ لم يأت به ولا اعتراض عليه فتوكل عليه في كل أمر وإن صعب، ولعله اقتصر على النذارة لأن المقام يقتضيها من أجل أنهم أهل لها وأنها هي التي يطعمون في تركها بإطماعهم في المؤالفة بالإعراض عما يوجب المخالفة ؛ والصدر : مسكن القلب، يشبه به رئيس القوم والعالي المجلس لشرف منزلته على غيره من الناس ؛ والكنز : المدفون، وقد صار في الدين صفة ذم لكل مال لم يخرج منه الواجب من الزكاة وإن لم يكن مدفوناً، والآية من الاحتباك : نفي أولاً قدرته ـ ﷺ ـ على الإتيان بما سألوا دليلاً على قدرة مرسله على ذلك وغيره ثانياً.
وأثبت الوكالة ثانياً دليلاً على نفيها أولاً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٥٠٨ ـ ٥١٠﴾


الصفحة التالية
Icon