وقال أبو حيان :
﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ﴾
لمّا ذكر حال من يريد الحياة الدنيا ذكر حال من يريد وجه الله تعالى بأعماله الصالحة، وحذف المعادل الذي دخلت عليه الهمزة والتقدير : كمن يريد الحياة الدنيا.
وكثيراً ما حذف في القرآن كقوله :﴿ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ﴾ وقوله :﴿ أمّن هو قانت آناء الليل ﴾ وهذا استفهام معناه التقرير.
قال الزمخشري : أي، لا تعقبونهم في المنزلة ولا تفارقونهم، يريد أنّ بين الفريقين تفاوتاً بعيداً وتبايناً بيناً، وأراد بهم من آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وغيره، كان على بينة من ربه أي : على برهان من الله تعالى وبيان أن دين الإسلام حق وهو دليل العقل، ويتلوه ويتبع ذلك البرهان شاهد منه أي : شاهد يشهد بصحته وهو القرآن منه من الله، أو شاهد من القرآن ومن قبله.
ومن قبل القرآن كتاب موسى وهو التوراة أي : ويتلو ذلك أيضاً من قبل القرآن كتاب موسى.
وقرىء كتاب موسى بالنصب، ومعناه كان على بينة من ربه وهو الدليل على أنّ القرآن حق، ويتلوه ويقرأ القرآن شاهد منه، شاهد ممن كان على بينة كقوله :﴿ وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ﴾ ﴿ قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ﴾ ﴿ ومن قبله كتاب موسى ﴾ ويتلوه ومن قبل التوراة إماماً كتاباً مؤتماً في الدين قدوة فيه انتهى.
وقيل في أفمن كان : المؤمنون بالرسول، وقيل : محمد ( ﷺ ) خاصة.
وقال علي بن أبي طالب، وابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والضحاك : محمد والمؤمنون جميعاً، والبينة القرآن أو الرسول، والهاء للمبالغة والشاهد.
قال ابن عباس، والنخعي، ومجاهد، والضحاك، وأبو صالح، وعكرمة : هو جبريل.
وقال الحسن بن علي : هو الرسول.
وقال أيضاً مجاهد : هو ملك وكله الله بحفظ القرآن.


الصفحة التالية
Icon