قال الزجاج : نسبوهم إلى الحِياكة ؛ ولم يعلموا أن الصناعات لا أثر لها في الديانة.
قال النحاس : الأراذل هم الفقراء، والذين لا حسب لهم، والخسيسو الصناعات.
وفي الحديث :" إنهم كانوا حاكَة وحَجَّامين ".
وكان هذا جهلاً منهم ؛ لأنهم عابوا نبيّ الله ﷺ بما لا عيب فيه ؛ لأن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، إنما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات، وليس عليهم تغيير الصور والهيئات، وهم يرسَلون إلى الناس جميعاً، فإذا أسلم منهم الدنيء لم يلحقهم من ذلك نقصان ؛ لأن عليهم أن يقبلوا إسلام كل من أسلم منهم.
قلت : الأراذل هنا هم الفقراء والضعفاء ؛ كما قال هِرَقْل لأبي سفيان : أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فقال : بل ضعفاؤهم ؛ فقال : هم أتباع الرسل.
قال علماؤنا : إنما كان ذلك لاستيلاء الرياسة على الأشراف، وصعوبة الانفكاك عنها، والأَنَفة من الانقياد للغير ؛ والفقير خلِيٌّ عن تلك الموانع، فهو سريع إلى الإجابة والانقياد.
وهذا غالب أحوال أهل الدنيا.
الثالثة : اختلف العلماء في تعيين السّفلة على أقوال ؛ فذكر ابن المبارك عن سفيان أن السّفلة هم الذين يَتَقلَّسون، ويأتون أبواب القضاة والسلاطين يطلبون الشهادات.
وقال ثعلب عن ابن الأعرابي : السّفِلة الذين يأكلون الدنيا بدينهم ؛ قيل له : فمن سفلة السّفلة؟ قال : الذي يُصلح دنيا غيره بفساد دينه.
وسئل علي رضي الله عنه عن السّفلة فقال : الذين إذا اجتمعوا غَلَبوا ؛ وإذا تفرقوا لم يعرفوا.
وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه : مَن السّفلة؟ قال : الذي يسبّ الصحابة.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما : الأرذلون الحاكَة والحجّامون.
يحيى بن أَكْثَم : الدّبّاغ والكنّاس إذا كان من غير العرب.


الصفحة التالية
Icon